[size=18]
ما أكثر عتاب داود مع الله . ! لعلها إحدى الميزات التي تتميز بها المزامير ….
1- انظروا مثلاً الدالة التي يتكلم بها في المزمور العاشر ، فيقول للرب معاتباً :
}يا رب لماذا تقف بعيداً ؟ ! لماذا تختفي في أزمنة الضيق ؟ ! { ( مز 10 : 1 )
ربما لو قلنا هذه العبارة لأحد أصدقائنا من البشر ، لا يحتملها … ! ولكن الله يقبل هذا الكلام …. وعبده داود عنده الجرأة أن يقول { يا رب لماذا ؟ } .
ويكمل داود عتابه فيقول : { في كبرياء الشرير ، يحترق المسكين… والخاطف يجدف ، يهين الرب … كل أفكاره أنه لا إله . ويتابع داود عتابه فيقول { قم يا رب يا الله ارفع يدك . لا تنس المساكين ..}
لماذا يا رب تختفي وقت الضيق ؟ قم . اعمل خلص رعيتك . لماذا يقولون لا إله ! أو لماذا يقولون :
{ ليس له خلاص بإله } ؟ ! { تأوه الودعاء . قد سمعت يا رب } ( مز 10 : 17 ) .
إنه إنسان يكلم الله بصراحة ، ويعاتبه ..
لماذا نبحث عنك في وقت الضيق ، فلا نجدك ؟! وكأنك تقف بعيداً ، وكأننا لسنا من أولادك ، والله يقبل كل هذا الكلام … على الرغم من أنه يعمل ، ولكننا نحن الذين لا نبصر عمله …
2- ويعود داود ليقول { يا رب لماذا ؟ } في ( المزمور 44 )، حيث يصف متاعبه ، ويعاتب الرب قائلاً : { قد رفضتنا وأخجلتنا } إلي أن يقول للرب في نفس المزمور ( مز 44 : 12 ) :
} بعت شعبك بغير مال ، وما ربحت بثمنهم { .
{ اليوم كله خجلي أمامي ، وخزى وجهي قد غطاني ، ومن صوت المعير والشاتم ، من وجه عدو منتقم } . ويختم داود عتابه بقوله :
} استيقظ . لماذا يا رب تتغافى ؟ أنتبه .. لماذا تحجب وجهك وتنسى مذلتنا وضيقتنا .. {
( مز 44 : 23 ، 24 )
أن داود يفتح فلبه لله ، ويشرح مشاعره كما هي . لا يتصنع كلاماً …
إن شكر يشكر من عمق قلبه وهو مبتهج . أما إن كان متضايقاً ، فإنه يعاتب .. وفي ل ذلك لا يغضب الله من صراحته ولا من عتابه . بل أن السيد المسيح له المجد يقول عن مزامير داود :
قال داود بالروح ( مت 22 : 43 ) .
عتاب داود لله يدل على آمرين : محبة الله وسعة صدره من جهة ، وجرأة داود وصراحته ودالته من جهة أخرى ..
3- ويعود داود في ( المزمور 74 ) فيقول للرب : ( لماذا ؟ ) مرة أخرى { لماذا رفضتنا يا الله إلي الأبد ؟ لماذا يدخن غضبك على غنم مرعاك ؟ .. حتى متى يا الله يعير المقاوم ، ويهين العدو أسمك إلي الغاية ؟ لماذا ترد يدك ويمينك ؟ ! } ( مز 74 : 1 ، 10 )
ثم يقول :
} لا تسلم للوحوش نفس يمامتك { ( مز 74 : 19 )
ثم يختم عتابه بقوله : { قم يا الله . أقم دعواك . أذكر تعيير الجاهل إياك اليوم كله .. } إنه يعتبر تعبيرات الجاهل تعبيرات لله نفسه . لأنه لو كان الله قد قام وأنقذ ، ما كان العدو الجاهل يفعل هذا كله ...
4- وفي ( المزمور 79 ) يقول داود للرب معاتباً : { اللهم أن الأمم قد دخلوا ميراثك ، نجسوا هيكل قدسك } ( مز 79 : 1 ) ... . { إلي متى يا رب تغضب كل الغضب ، وتتقد كالنار غيرتك ... لا تذكر علينا ذنوب الأولين } إلي أن يقول للرب :
} لماذا يقول الأمم أين هو إلههم { ( مز 79 : 10 ) .
وهنا لا يعاتب الرب فقط على تعديات الأمم وتعبيراتهم ، إنما يعاتبه أيضاً على غضبه
لولا أنك يا رب غضبت علينا وتركتنا ، ما كان الأمم يفعلون بنا كل هذا ... إذن لماذا يا رب تغضب ، فلماذا يستمر غضبك { أعنا يا الله وخلصنا من أجل أسمك نحن شعبك وغنم رعايتك } ( مز 79 : 9 ، 13 ) ...
5- ونفس العتاب ، ونفس كلمة لماذا ؟ يتكرر في ( مزمور 80 ) وفي ( مزمور 88 ) حيث يقول داود : { يا رب الجنود ، إلي متى تدخن على صلاة شعبك ؟ } إلي أن يقول معاتباً :
} قد أطعمتهم خبز الدموع ، وسقيتهم الدموع بالكيل {
جعلتنا نزاعاً عند جيراننا ، وأعداؤنا يستهزئون ( مز 80 : 4 -6) . ويختم العتاب في هذا المزمور بقوله : { أرجع . اطلع من السماء ... أنر بوجهك علينا فنخلص }
6- ويقول داود معاتباً الرب في ( المزمور 88 ) .
} لماذا يا رب ترفض نفسي ؟ لماذا تحجب وجهك عني { ( مز 88 : 14 )
هذا المزمور بالذات مملوء بالعتاب ، حيث يقول للرب : { على استقر غضبك . وبكل تياراتك أذللتني }
( مز 88 : 7 ) { أبعدت عني معافى ... عيني ذابت من الذل . دعوتك يا رب كل يوم بسطت إليك يدى . أفلعلك للأموات تصنع عجائب ... لماذا يا رب ترفض ... }
7- ما أكثر العتاب في مزامير داود . لسنا نستطيع أن نحصيه في هذا المجال . لكننا نود أن نحتم اقتباسنا من داود بقوله في ( المزمور 89 ) :
} حتى متى يا رب تختبئ كل الاختباء ؟ ! حتى متى يتقد كالنار غضبك ؟ .. أين مراحمك الأولى .. ؟
( مز89 :46، 47 ) .
إنه يذكرنا أيضاً بما قاله في المزمور التسعين : { ارجع يا رب حتي متي ؟ 000 فرحنا كالأيام التي فيها أذللتنا ، كالسنين التي رأينا فيها شرا } ( مز 90 : 13 ، 15 ) .
هذا العتاب ، و هذه الصراحة ، و عبارة (( يا رب لماذا ؟ )) 000 ليس هذا كله موجودا في مزامير داود فقط ، إنما نجد هذا الأسلوب في أسفار أخري في الكتاب المقدس ، وعند أنبياء و قدس كثيرين 000
[/size]